قراءة لما بين السطور
قراءة لما بين السطور
جولة معالي الوزير السابق أحمدو ولد الشيخ الحضرمي والنائب الموقر أحمد أبو المعالي ولد منان التي بدأت من نواذيبو مرورا بولاية لبراكنة وانتهاء بولاية كوركول تعكس جدية الرجلين في دعم ومساندة فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في الاستحقاقات الرئاسية 2024، كما تبعث برسائل سياسية واضحة، وغير مُشفّرة مفادها أن العمل السياسي الجاد يبدأ بتأمين وتحصين الحاضنة الاجتماعية في أماكن تواجدها الممتدة من نواذيبو شمالا إلى كيدي ماغا جنوبا.
وللوقوف على أسباب نجاح هذه الزيارة والحشود الكبيرة التي استقبلتهم بحفاوة في كل محطة من محطات الجولة الثلاثة، لا بد من التعريج قليلا على الدور الذي لعبه كل من معالي الوزير السابق أحمدو ولد الشيخ الحضرمي والنائب الموقر أحمد أبو المعالي ولد منان في رَصٍّ الصفوف، وتوحيد الجماعة وتوجيهها نحو الأصلح خدمة للصالح العام والدفاع عن مصالحها وجلب النفع لها ودفع الضر عنها.
معالي الوزير أحمدو ولد الشيخ الحضرمي رغم انشغاله بالعمل الإداري الذي أخذ حيزا كبيرا من وقته على حساب العمل السياسي، ظل طول الوقت سندا لحاضنته الاجتماعية يدافع عن مصالحها ويقف مع المظلوم ويساعد كل فرد منها متى ما دعت الحاجة لذلك، إلى أن استفاد من حقه في التقاعد والتفرغ بشكل كامل للعمل السياسي، من هنا دخلت المنطقة منعرجا سياسيا هو الأهم في تاريخها الحديث، حيث استطاع الرجل المزاوجة بين الخبرة الإدارية الطويلة الناجحة بشهادة الجميع، والرزانة والكياسة والحكنة السياسية وبعد النظر، الشيء الذي ساهم ـ وفي وقت وجيزـ في الجمع بين الفرقاء السياسيين من حاضنته الاجتماعية والجلوس على طاولة واحدة ة وطي صفحة التباعد والتباغض، فدرجة قبول الرجل في حاضنته الاجتماعية وسمعته الطيبة وصفاء سريرته وحسن نواياه سَرًعا من هذا الالتحام التاريخي بين خصوم الأمس، فكان لهذا التحول كبير الأثر على العلاقات الاجتماعية بين مكونات الحاضنة، وذابت خطوط العداء بينها وتناغمت وانسجمت في بوتقة واحدة، يُحَرٍك بوصلتها مؤشر المصلحة العامة وخدمة الجميع، وفي هذه المرحلة بالذات ترسخت القيم والمفاهيم الديمقراطية وأصبح الخلاف خلاف برامج بعيدا عن الشخصنة والمشاحنة الجاهلية، وهذا لم يكن معروفا في المنطقة، من جهة أخرى استطاع الرجل توظيف شبكة علاقاته الواسعة التي يتمتع به وسمعته الطيبة على مستوى الوطن خدمة للمصالح العامة وجلب المنافع ودفع المضرات، حيث حُفٍرت الآبار وشُيٍّدت السدود والمدارس والمستشفيات، وغير ذلك من المرافق العمومية، ولم يقتصر دوره على حاضنته الاجتماعية بل تجاوز ذلك واستطاع مع شركاء سياسيين تكوين أكبر حلف سياسي في المقاطعة احتل الصدارة بالسيطرة على الوظائف الانتخابية كالنواب والعمد الأربعة ورئيس جهة لبراكنة على مستوى الولاية.
أما النائب الموقر أحمد أبو المعالي ولد منان فقد دخل المعترك السياسي من بابه الواسع، واستطاع التقدم في المشهد السياسي بخطوات ثابتة، حتى حصل على ثقة أغلبية ناخبي المقاطعة، فلم يكتف بمهمته الأصلية وهي مهمة أي نائب : الدفاع عن المصالح في قبة البرلمان ونقل مشاكل المواطنين للجهات المعنية، بل تجاوز ذلك بكثير، حيث بذل ماله الخاص خدمة لساكنة المقاطعة، ورصد مبلغا سنويا كبيرا للفائزين في التعليم من دائرته الانتخابية وذلك بالتنسيق مع الوزارة المعنية، تشجيعا وتثمينا للتعليم ولدور المدرس البارز في تربية وتعليم الأجيال، وعلى مستوى الزراعة شيد سدودا ورَمَّمَ أخرى على نفقته الخاصة، فكان لذلك الأثر البالغ في إعادة انتخابه للمرة الثانية، فهذه الأعمال الخيرية بارزة للعيان في كل زاوية من زوايا دائرته الانتخابية.
وعلى مستوى الخارج استطاع الرجل الحصول على ثقة الجالية التي منحته رئاستها تثمينا للدور الذي يلعبه سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي أوالاجتماعي، أما على المستوى الاقتصادي فقد نجح الرجل في الخروج من عباءة التجارة التقليدية، فأنشأ المصانع الحديثة فكانت إضافة نوعية لاقتصاد البلد المُضيف، الذي تعود على أنماط من تجارة استنزاف الثروات وهي المرابحة في أسعار السلع (التجارة التقليدية)، فهذا التحول النوعي في الأنشطة الاقتصادية لعب دورا مهما في علاقتنا الدبلوماسية بجمهورية غامبيا وذلك باعتراف البلدين ضمنيا، فمنح الرجل تسمية قنصل شرفي لم تكن من فراغ، وبَدَا ذلك جليا في الاهتمام الذي لقيه من الوفد الرئاسي الغامبي الذي زار البلد في السنة الماضية، إذ لم يكن من المعهود أن يستدعي رجل أعمال رئيس دولة زائر لبلده على عشاء في منزله، وهذا يعكس بوضوح مستوى الأهمية والدور البارز الذي يلعبه في الاقتصاد الغامبي كفاعل اقتصادي حقيقي وليس كتاجر يتربح من أبناء الشعب بسلع مستوردة من الخارج، فالصناعة جزء من السيادة الوطنية ولها أثر إيجابي في كل مفاصل الاقتصاد.
أما على المستوى السياسي فقد نجح في استقطاب الفرقاء السياسيين من الجالية وتوحيد صفوفهم في توجه واحد، وكان لهذا دور واضح في الحشود التي استقبلت رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني في جمهورية غامبيا أثناء زيارته الأخيرة، أما على المستوى الاجتماعي، فقد ساهم الرجل في تشغيل الكثيرمن أبناء مقاطعته ودمجهم في أنشطة اقتصادية مختلفة في جمهورية غامبيا، وتقديم الدعم لهم كل حسب خبرته، فانعكس ذلك إيجابا على عائلاتهم.
وبوجود الرجلين في صف واحد وفي مسار سياسي واحد، سوف لن تجد كبير عناء في تفسير هذه الاستقبالات الحاشدة التي اسْتُقبلوا بها في جميع محطات هذه الجولة : نواذيبوـ لبراكنةـ كوركول، لأن الجماهير تقدر وتثمن أي عمل ينفع الناس ويمكث في الأرض.