وزارة الصحة تلغي صفقة مفتوحة وتمنحها بالتراضي بـ.1.6 مليار
الأخبار (نواكشوط) – منحت وزارة الصحة صفقة عبر التراضي بمبلغ 1.6 مليار أوقية قديمة لشركة “MS – Medic“، المملوكة لنائب مقاطعة تيشيت، وذلك لتوفير معدات وتجهيزات لصالح مراكز تصفية الكلى في البلاد، مع أن هذه الشركة لم تشارك أصلا في المناقصة المفتوحة.
وتم منح هذه الصفقة عبر التراضي بعد أسابيع قليلة من إلغاء وزارة الصحة مناقصة مفتوحة حول نفس الموضوع، شاركت فيها عدة شركات، فيما قاطعتها شركة “MS – Medic“، التي منحت لها الصفقة الجديدة بالتراضي.
وأعلنت المناقصة الدولية المفتوحة يوم 26 أغسطس 2021، منتصف العام المنصرم، وفي شهر أكتوبر تم فتح العروض يوم 12 أكتوبر 2021، ثم بعد أكثر من ثلاثة أشهر، أي يوم 17 يناير 2022 أعلنت الوزارة إلغاءها، لتعود وتمنحها بعد نحو شهر ونصف عبر التراضي المباشر.
وتحتكر الشركة التي منحت لها الصفقة من طرف وزارة الصحة، صفقات التوريد في هذا المجال منذ أكثر من عقد من الزمن، بسبب وقوف نافذين خلفها، وذلك على الرغم من شكوى الأطباء، وكذا المرضى مما يصفون بتدني الخصائص الفنية أجهزتهم، ونقص المستلزمات التي يقدمونها وفقا للعقد.
وقد أكدت اللجنة الوطنية لمراقبة الصفقات العمومية عدم اعتراضها على منح هذه الصفقة بالتراضي في محضر صادر عنها الخميس 03 مارس 2022، بعيد وصول رسالة المنح من طرف لجنة صفقات قطاع الصحة يوم الأربعاء 02 مارس.
طلبية جاهزة
وتكشف الآجال المحددة للشركة التي منحت لها الصفقة جاهزية الطلبية لديها، حيث لم تتجاوز الآجال بالنسبة لمعدات التصفية 15 يوما، فيما منحت التجهيزات الأخرى أجل 30 يوما فقط.
إلغاء المناقصة المفتوحة يوم 17 يناير الماضي
وكانت الصفقة المفتوحة التي ألغت الوزارة يوم 17 يناير الماضي بعد مشاركة العديد من الشركات قد تضنت توفير 120 ألف من مستلزمات التصفية، إضافة لـ20 جهاز تصفية، و20 وحدة لتصفية المياه.
الاستثناء الكاشف
يوم 16 أغسطس الماضي دشن وزير الصحة 20 وحدة للتصفية في مركز الاستطباب الوطني، أقيمت بمنحة من المملكة العربية السعودية، وشكلت استثناء في تاريخ أجهزة الكلى لأن صفقتها فازت بها شركة “توب تكنولوجي”، وليس شركة “MS – Medic“، المحتكرة لكل صفقات القطاع، وذلك إثر مناقصة مفتوحة.
فقد استجلبت الشركة تجهيزات حديثة من صناعة شركة ألمانية تسمى ““BBRAUN ومعها مستلزمات تصفية متكاملة، فيما تفتقد المستلزمات الأخرى للعديد من اللوازم الضرورية.
حصص تفصية في الوحدات الجديدة المدشنة أغسطس الماضي
وفور بدأ هذه التوسعة الجديدة عملها ابتداء من أغسطس الماضي واجه العاملون عليها ضغوطا كبيرة من المرضى وذويهم، بسبب اختلاف نوعية الأجهزة، والمعدات المستخدمة في هذه التوسعة، وهو ما كشف الفوارق مع الأجهزة والمعدات الموجودة في المراكز الأخرى، والتي تفرض على العاملين في المراكز استخدام قفازات وضمادات غير معقمة.
وتم افتتاح التوسعة بمخزون مستلزمات من نفس الشركة لا يتجاوز 1000 حصة تصفية فقط، ومع اقترابها من النفاذ بدأت الضغوط من أجل وقف توريد مستلزمات نفس الشركة لأجهزتها، واستخدام معدات شركة (MS) المستخدمة في المراكز الأخرى، والتي تصنعها شركة “GAMBRO”
مغامرة كبيرة
مصادر خاصة أكدت لوكالة الأخبار المستقلة أن أخصائي الكلى في البلاد وقعوا بشكل جماعي رسالة خاصة موجهة لوزير الصحة، وصفوا فيها احتكار شركة توريد وحيدة للمجال، بأنه “مغامرة كبيرة”، لافتين إلى إمكانية تعرضه لمخاطرة كثيرة، وغير متوقعة، كإفلاس الشركة، أو انقطاع سلاسل توريدها.
وقال الأخصائيون في الرسالة التي حصلت الأخبار على نسخة منها إن تفاجأوا من تجاهل الوزارة للمواصفات الفنية التي حددوها بطلب من وزارة الصحة، وسملت للوزارة يوم 17 أغسطس الماضي.
كما استغربوا تسمية ماركات الأجهزة في الملف الفني، وتجاوز رأيهم كأخصائيين في تحديد الاحتياجات، والتوقعات بخصوص التجهيزات والاستهلاكات، وكذا تحديد المواصفات الفنية.
وتبرأ الأخصائيون من أي مسؤولية عن المعدات والتجهيزات التي طلبها بناء على ملف فني تجاهل الملاحظات التي قدموها للوزارة بناء على طلب منها.
ورأى الأخصائيون ضرورة توزيع الكميات بين عدة شركات لإتاحة الفرصة للمنافسة، ولضمان أفضل الأجهزة جودة لمرضى الفشل الكلوي في البلاد، وبأقل تكلفة على ميزانية الدولة.
أعداد متزايدة
ويوجد في موريتانيا أكثر من 1000 مصاب بالعجز الكلوي، موزعين على 15 مركزا في عموم البلاد.
وتوجد أربعة من هذه المراكز في العاصمة نواكشوط، في المستشفى الوطني، والمستشفى العسكري، ومستشفى الصداقة، ومستشفى الشيخ زايد.
مرضى الفشل الكلوي خلال احتجاجات سابقة في ساحة الحرية أمام القصر الرئاسي (الأخبار)
فيما تتوزع بقية المراكز على عواصم الولايات الداخلية (النعمة – العيون – كيفة – كيهيدي – ألاكـ – روصو – أطار – نواذيبو – تجكجة – سيلبابي – الزويرات)، فيما كانت مدينة أكجوجت الاستثناء الوحيد من بين عواصم الولايات، حيث تعطل مركزها بعد فترة وجيزة من عمله.
ويؤكد أطباء عاملون في المجال ارتفاع أرقام الوفيات في صفوف المصابين بالفشل الكلوي في البلاد، إلى الضغط الكبير على الأجهزة مما يفرض نقص مدة حصة التصفيات لكل مريض، بنحو ساعة لكل حصة، وكذا ضعف الصيانة، فضلا عن تقادم الأجهزة المستخدمة في جل المراكز، ووجود أجيال جديدة أكثر تطورا.
ردود وزير الصحة
وكالة الأخبار حملت أهم الأسئلة حول الموضوع إلى وزير الصحة الدكتور سيدي ولد الزحاف، وكان أولها حول مبررات إلغاء صفقة المناقصة المفتوحة، حيث أكد الوزير أنه تم إلغاؤها “بعد أن تم التأكد من أن المحددات الفنية التي تمت بموجبها ليست دقيقة، ولم يتم التوافق حولها”، معتبرا أن ذلك يوضح “انعدام رؤية واستراتجية واضحة للسنوات المقبلة في مجال التكفل الشامل بالمصابين بهذا المرض”.
وزير الصحة الدكتور سيدي ولد الزحاف خلال مؤتمر صحفي سابق (الأخبار – أرشيف)
وعن الطريقة التي يوفر بها قطاع الصحة المعدات الآن في ظل انتهاء اتفاق الاحتكار الذي كان للقطاع مع شركة “MS”، قال الوزير إنهم قرروا “إعداد استراتيجية متوسطة المدى، ولكن في نفس الوقت يتم توفير الخدمات بالمعدات القائمة”، مردفا أنه تم تكليف المستشفى الوطني بضمان تشغيلها الماكينات من نوع BBRAUN مدة هذه السنة، “أما بقية الماكينات فهو من نوع GAMBRO وتقرر تكليف تلك الماكينات بتوفير مدخلاتها طبقا للمواصفات المعدة من طرف الوزارة” وذلك “ريثما ينتهي إعداد الاستراتيجية”.
واعترف الوزير بتلقيه رسالة خاصة من أخصائي الكلى، حذروا فيها من “الفساد والاحتكار”، وطالبوا من خلال بتوفير الشروط المطلوبة في الأجهزة وتوفير أكثرها حداثة، لافتا إلى أنهم قبل الرسالة اجتمعوا بأطباء الكلى وأخذوا آراءهم، وطلبنا منهم مواصفات فنية للمسائل الضرورية لتصفية الكلى.
وأضاف الوزير أنهم في الوزارة طلبوا من الأخصائيين المشاركة في إعداد الاستراتيجية، وخاصة ما يتعلق بالمعلومات حول أمراض الكلى ونسب انتشارها وكذلك الحاجيات من الأطقم الصحية للتكفل بمرضى الكلى.. مؤكدا أن الرسالة “تضمنت اعتبارات تتعلق بالفساد والاحتكار وغيرها من الامور التي لا تدخل في إطار اختصاصهم”.
وعن تضمن المناقصة شراء 20 وحدة لتصفية المياه، في حين أن هذه الوحدات تم تحديثها كلها 2019، ومتوسط عمرها 10 سنوات، قال ولد الزحاف إنه “بالنسبة لمتوسط عمر التجهيزات فإن المصنع يحدد عمرا افتراضيا لمنتجاته لكن ذلك يظل رهينا بظروف معينة من حيث الاستخدام والصيانة، وفي حال لم تتأت تلك الظروف فإن التجهيزات قد لا تصمد، وفي حال توفرت ظروف ملائمة من حيث الصيانة والاستخدام فقد تتجاوز المعدات العمر الافتراضي المحدد لها”.
وعن كشف الوحدات الجديدة في المستشفى الوطني لواقع القصور في المراكز الأخرى، قال ولد الزحاف إن “مصلحة الكلى بالمستشفى الوطني لديها 41 ماكينة وتحاول تشغيلها بشكل كامل مع أن أنها تواجه عدة صعوبات بعضها فني.. وبعضها يتعلق بصعوبات تشغيل هذه الماكينات لنقص التكوين الجيد والتهاون في طرق تشغيل هذه الماكينات ونظافتها وصيانتها.. معتبرا أن “المفاضلة بين هذه الماكينات تتطلب خبرات ربما تكون غير موجودة في الوقت الحالي”.
وعرج ولد الزحاف في ردوده على أسئلة الأخبار على “خصوصية مرضى الكلى عن من سواهم من المرضى نظرا لارتباطهم بالمؤسسات الصحية، وهذا قد يؤثر على ظروفهم النفسية، بالإضافة لتأثير المرض والضعف عن واجبات ومتطلبات الحياة، وهذا كله يؤثر على الحالة النفسية للمرضى”.
واعتبر الوزير أنه من “الإيجابي اليوم أن هذه الفئة من المرضى أصبحت تنتظم في تجمعات وتحاول عبرها التعبير عن مشاكلها ومطالبها”، مؤكدا أنه الحكومة “تجاوبت معهم بشكل دائم، وكذلك بعض هيئات المجتمع المدني”.
وشدد الوزير على أن “وضعية هذه الفئة من المرضى يجب أن تبقى بعيدا عن الاستغلال لأغراض شخصية، سواء من طرف موردي هذه التجهيزات والمعدات، أو الأطباء… أوغيرهم”، مردفا أنهم أن يفهموا “أن أي إطار لم توفره الدولة للتكفل بهم، لا يمكن أن ينتج عن طريق استغلالهم من طرف جهات أخرى لأغراض قد تكون شخصية”.
ــــــــــــــــــــــــــ
– لقراءة ردود وزير الصحة على أسئلة الأخبار كاملة اضغطوا هنا، أو زوروا ركن وثائق